دراسة لأهم قواعد الترجيح في الجامع لأحكام القرآن للإمام أبي عبدالله القرطبي (ت671هـ)

الملخص

    الحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد.

    فقد عُني العلماء بالقرآن الكريم منذ نزوله، ومن أهم أنواع العناية تفسيره وبيان أحكامه، وقد حوت كتب التفسير أقوالاً كثيرة تتفاوت بين الصحيح والضعيف، والمقبول والمردود، وأحياناً تتعارض هذه الأقوال تعارضاً واضحاً، فكانت الحاجة أن يطبق كل مفسر ضوابط وقواعد يرجح على أساسها بين هذه الأقوال والآراء التفسيرية.

    لذا جاءت هذه الدراسة لكشف واستنباط أهم قواعد الترجيح التي سار عليها الإمام أبوعبدالله محمد بن أحمد القرطبي في كتابه (الجامع لأحكام القرآن)، لأمور من أهمها حب الاشتغال بالقرآن الكريم، ثم ثناء العلماء قديما وحديث على تفسير القرطبي فنراه لا يكتفي بسرد الأقوال والآراء، بل يقوم بذكرها ومناقشتها والترجيح بينها للوقوف على أقربها إلى الصواب في رأيه، لذا تأثر به كثير من المفسرين من بَعده. فتهدف هذه الدراسة إلى بيان شيء من منهج الإمام القرطبي في كيفية الترجيح بين الأقوال المتعددة في التفسير.

وخلصت هذه الدراسة إلى بيان أهم قواعد الترجيح عند الإمام القرطبي والتي تنوعت بين مرجحات متعلقة بعلوم القرآن والسنة وأخرى أصولية لغوية.

    فمن أهم المرجحات التي اعتمد عليها القرطبي في تفسيره القرآن والسنة، ثم تحكيم السياق القرآني، واعتماد أسباب النزول، والعلم بالمكي والمدني، وتقديم القراءة الصحيحة على الشاذة.

كم ركز القرطبي على أن الإحكام مقدم على النسخ، وذلك بالتوفيق بين الآيتين، واعتبر أن العام يبقي على عمومه ما لم يرد نص بالتخصيص، كما بنى على القاعدة المشهورة (أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، وحَمَل المطلق على المقيد، وأن الأمر المطلق يدل على الوجوب ولا ينصرف إلى غيره إلا بقرينة، كما ذهب إلى أن الأمر بعد الحظر يفيد الوجوب. والله أسأل التوفيق والعون والسداد.