وجوه السلطة التقديرية للإدارة في درء مخاطر الأزمات والكوارث والأوبئة "دراسة فقهية مقارنة بما عليه العمل في النظام السعودي"

المؤلفون

  • د/محمد سعيد محمد آل ظفران عسيري الأستاذ المساعد بجامعة الملك خالد بكلية الشريعة وأصـــــول الـــــدين – قســــــم الفقــــــه – تخصص الأنظمــــــة

DOI:

https://doi.org/10.55074/hesj.v0i28.640

الكلمات المفتاحية:

وجوه السلطة التقديرية- درء مخاطر - الأزمات - الكوارث - الأوبئة النظام السعودي.

الملخص

أهمية هذه الدراسة: الأزمات والكوارث والأوبئة من الحالات الاستثنائية التي تجد الإدارة معها مضطرة إلى اللجوء إلى قرارات استثنائية تراها من الأهمية بمكان لدرء مخاطر هذه الأزمات، قياما من أجل توفير الدعم النقدي والعيني وتوفير التمويل اللازم للقيام بهذا الواجب الاجتماعي الذي يتصل اتصالا وثيقا بالضبط الإداري وما يترتب عليه من الاستقرار العام، وقطع الطريق على الفتن ومثيريها، وتوفير مستلزمات الأمن الغذائي وما يلزم من تدبير التمويل اللازم لإنتاج أو شراء اللقاحات العلاجية وغيرها من الأمور المالية اللازمة.

     ومن الناحية الفقهية: فإن الفقه الإسلامي حافل بكثير من الأحكام والسياسات الشرعية المالية والاقتصادية، التي وجدت في زمن الفاروق عمر بن الخطاب- t- التطبيق العملي في ضوء الكثير من قواعد وقرارات الحكم والإدارة في معالجة الأزمات، وخاصة في عام (الرمادة) (20هـ) وما يتصل بها من قرارات تقييد الاستهلاك وضوابط توزيع المتاح، وطلب المعونة من والي مصر - عمرو بن العاص t- التي اشتهرت بكرمها وسرعة نجدتها عبر مراحل التاريخ الإسلامي.

حدود الدراسة: ستكون الدراسة في إطار ما عليه العمل في القضاء الإداري السعودي المقارن بالقضاء الإداري المصري، مقارنة بما عليه العمل في الفقه الإسلامي لمعرفة وجوه السلطة التقديرية لجهة الإدارة في درء مخاطر الأزمات والكوارث والأوبئة من الناحية المالية سواء ما يتعلق بالإنفاق العام أو الإيرادات العامة وما يترتب على ذلك من قرارات تتعلق بإدارة الأزمات ومدى خضوعها لرقابة القضاء الإداري، وذلك في تمهيد ومباحث ثلاثة، تتلخص فيما يلي:

أولاً: تأصيل السلطة التقديرية للإدارة في ضوء ما عليه العمل في القانون الإداري، من جانب والقضاء الإداري من جانب آخر، وخاصة ما استقر الحال عليه في محكمة القضاء الإداري المصري في قرارها الصادر بتاريخ (20/2/1952م) وتفسيرها للسلطة التقديرية بأنه ".. ليس للمحكمة أية رقابة على المناسبات التي تحمل الإدارة على تقدير الملاءمة أو عدم الملاءمة في إصدار قرارها أو على الاعتبارات التي تراعيها في ذلك إلا إذا قام الدليل المقنع على أن هذه المناسبات والاعتبارات تنطوي في ذاتها على إساءة استعمال السلطة".. ذلك أن الإدارة في تقدير ظروف الأمر الإداري وملاءمة إصداره تحتاج بطبيعة وظيفتها إلى قسط كبير من حرية تقدير مناسبة العمل وملابساته ووزن مختلف السبل التي تصح أن تسلكها لتتخير منها أفضلها فيما تجريه من تصرفات.

ثانياً: تجد السلطة التقديرية أساسها في الفقه الإسلامي في إطار قاعدة تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، أي أن تصرف كل من ولي شيئاً من أمور المسلمين يجب أن يكون مبنياً على المصلحة العامة، فإذا لم يكن التصرف كذلك لم يكن صحيحاً ولا نافذا شرعاً، ويدخل في هذه القاعدة الإمام (الملك أو الرئيس أو السلطان أو ولي العهد) أو الوالي أو القاضي أو الموظف على التفصيل المبين في كتاب الخراج لأبي يوسف والأشباه والنظائر للسيوطي، ولابن نجيم وغيرهم. فضلاً عن قاعدة: "أن كل شيء فيه مصلحة الناس فهو جائز للقاضي والسلطان؛ لأن الشرع وضع لمصلحة الناس، وقاعدة: أنه لا يجوز لولي الأمر أن يقدم في مال بيت المال غير الأحوج على الأحوج، كما ذكر الإمام السبكي في فتاويه.

ثالثاً: تتمثل القرارات الإدارية التي يمكن أن تصدرها جهة الإدارة من الناحية المالية والاقتصادية فيما يلي:

  • النظر في الالتزامات المالية المفروضة على المواطنين من ضرائب وغيرها سواء بإلغاء الضريبة على الفئات أو القطاعات المضرورة أو تخفيض مقدار الضريبة الواجبة عليهم.
  • فرض ضرائب جديدة على ذوي القدرة أو الأثرياء من المواطنين على وجه المشاركة في تخفيف الأعباء المالية الملقاة على عاتق الدولة، وهو ما يعرف في المالية العامة الإسلامية بـ(التوظيف).
  • تقديم المعونة النقدية والمادية للمضرورين، سواء من خزانة الدولة أو مخاطبة القادرين بها، وتنظيم جمعها وتوزيعها، على قدم المساواة بين المضرورين، أو حسب الحاجة.
  • خفض الانفاق العام على القطاعات غير الضرورية، وتوجيه هذا الجزء من النفقات إلى المشروعات الأكثر نفعا للمضرورين.
  • تقييد الاستيراد بحيث يكون قاصراً على استيراد ما هو ضروري أو ما كان مرتبطاً بمعالجة آثار الأزمات والكوارث والأوبئة.
  • الاقتراض على بيت المال بما يكفي لتمويل الأزمات والأوبئة.
  • تأجيل سداد القروض التي حلت أجالها، سواء كانت هذه القروض في ذمة الدولة أو في ذمة المضرورين.

     ويلاحظ أن القرارات الإدارية التي كانت متعلقة بدرء مخاطر الأزمات والكوارث والأوبئة كانت تنبع من مبدأ المساواة بين المضرورين دون تفرقة بين فئة وغيرها أو طائفة وغيرها، فقد عاون الخليفة عمر بن الخطاب -t- الفقراء والمحتاجين من أهل الذمة الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي وجرى على ذلك ولاة الأمور من المسلمين، فلا تكليف ماليا على غير المسلم منهم فوق قدرته إذا ثبت فقره وحاجته، كما أنه يعان ماديا حتى تحفظ حياته.

 

التنزيلات

منشور

2023-01-27

كيفية الاقتباس

عسيري د. س. م. آ. ظ. . (2023). وجوه السلطة التقديرية للإدارة في درء مخاطر الأزمات والكوارث والأوبئة "دراسة فقهية مقارنة بما عليه العمل في النظام السعودي". مجلة العلوم التربوية و الدراسات الإنسانية, (28), 165–209. https://doi.org/10.55074/hesj.v0i28.640